يقول تعالى: " وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ " أي: أخذتم من مال الكفار قهرا بحق, قليلا كان أو كثيرا.
" فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ " أي: وباقيه لكم, أيها الغانمون, لأنه أضاف الغنيمة إليهم, وأخرج منها خمسها.
فدل على أن الباقي لهم, يقسم على ما قسمه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: للراجل سهم, والفارس سهمان سهم لفرسه, وسهم له.
وأما هذا الخمس, فيقسم خمسة أسهم, سهم للّه ولرسوله, يصرف في مصالح المسلمين العامة, من غير تعيين لمصلحة, لأن اللّه جعله له ولرسوله, واللّه ورسوله غنيان عنه, فعلم أنه لعباد اللّه.
فإذا لم يعين اللّه له مصرفا, دل على أن مصرفه للمصالح العامة.
والخمس الثاني: لذي القربى, وهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم, من بني هاشم, وبني المطلب.
وأضافه اللّه إلى القرابة, دليلا على أن العلة فيه, مجرد القرابة, فيستوي فيه غنيهم وفقيرهم, ذكرهم وأنثاهم.
والخمس الثالث, لليتامى وهم: الذين فقدت آباؤهم, وهم صغار, جعل اللّه لهم خمس الخمس, رحمة بهم, حيث كانوا عاجزين عن القيام بمصالحهم, وقد فقد من يقوم بمصالحهم.
والخمس الرابع للمساكين, أي: المحتاجين الفقراء, من صغار, وكبار, ذكور, وإناث والخمس الخامس, لابن السبيل, وهو: الغريب المنقطع به في غير بلده.
وبعض المفسرين يقول: إن خمس الغنيمة, لا يخرج عن هذه الأصناف, ولا يلزم أن يكونوا فيه, على السواء, بل ذلك تبع للمصلحة, وهذا هو الأولى.
وجعل اللّه أداء الخمس على وجهه, شرطا للإيمان فقال: " إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ " وهو يوم " بدر " الذي فرق اللّه به بين الحق والباطل, وأظهر الحق: وأبطل الباطل.
" يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ " جمع المسلمين, وجمع الكافرين.
أي: إن كان إيمانكم باللّه, وبالحق الذي أنزله اللّه على رسوله يوم الفرقان, الذي حصل فيه من الآيات والبراهين, ما دل على أن ما جاء به هو الحق.
" وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " لا يغالب أحد إلا غلبه.