" قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ " أي: الرؤساء الأغنياء المتبوعون الذين قد جرت العادة باستكبارهم على الحق, وعدم انقيادهم للرسل.
" إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " فلم يكفهم - قبحهم اللّه - أنهم لم ينقادوا له, بل استكبروا عن الأنقياد له, وقدحوا فيه أعظم قدح, ونسبوه إلى الضلال.
ولم يكتفوا بمجرد الضلال حتى جعلوه, ضلالا مبينا, واضحا لكل أحد.
وهذا من أعظم أنواع المكابرة, التي لا تروج على أضعف الناس عقلا.
وإنما هذا الوصف, منطبق على قوم نوح, الذين جاءوا إلى أصنام, قد صوروها ونحتوها بأيديهم, من الجمادات التي لا تسمع ولا تبصر, ولا تغني عنهم شيئا.
فنزلوها منزلة فاطر السماوات, وصرفوا لها ما أمكنهم, من أنواع القربات.
فلولا أن لهم أذهانا تقوم بها حجة اللّه عليهم لحكم عليهم بأن المجانين أهدى منهم, بل هم أهدى منهم وأعقل.
فرد نوح عليهم ردا لطيفا, وترقق لهم, لعلهم ينقادون له فقال: