الذكر للّه تعالى, يكون بالقلب, ويكون باللسان, ويكون بهما, وهو أكمل أنواع الذكر وأحواله.
فأمر اللّه, عبده ورسوله, محمدا أصلا, وغيره تبعا - بذكر ربه في نفسه أي: مخلصا خاليا.
" تَضَرُّعًا " بلسانك, مكررا لأنواع الذكر.
" وَخِيفَةً " في قلبك بأن تكون خائفا من اللّه, وَجِلَ القلب منه, خوفا أن يكون عملك غير مقبول.
وعلامة الخوف, أن يسعى ويجتهد, في تكميل العمل وإصلاحه, والنصح به.
" وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ " أي: كن متوسطا, لا تجهر بصلاتك, ولا تخافت بها, وابتغ بين ذلك سبيلا.
" بِالْغُدُوِّ " أول النهار " وَالْآصَالِ " آخره وهذان الوقتان, فيهما مزية وفضيلة على غيرهما.
" وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ " الذين نسوا اللّه, فأنساهم أنفسهم.
فإنهم حرموا خير الدنيا والآخرة.
وأعرضوا عمن كل السعادة والفوز, في ذكره وعبوديته.
وأقبلوا على من كل الشقاوة والخيبة, في الاشتغال به.
وهذه من الآداب, التي ينبغي للعبد أن يراعيها حق رعايتها.
وهي: الإكثار من ذكر اللّه آناء الليل والنهار, خصوصا, طَرَفَيِ النهار, مخلصا خاشعا, متضرعا, متذللا, ساكنا, متواطئا عليه قلبه ولسانه بأدب ووقار, وإقبال على الدعاء والذكر, وإحضار له بقلبه, وعدم غفلة, فإن اللّه لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
ثم ذكر تعالى أن له عبادا.
مستديمين لعبادته, ملازمين لخدمته وهم الملائكة, لتعلموا أن اللّه, لا يريد أن يتكثر بعبادتكم من قلة, ولا ليتعزز بها من ذلة.
وإنما يريد نفع أنفسكم, وأن تربحوا عليه, أضعاف أضعاف, ما عملتم, فقال: