ثم وبخ الله, جميع من أعرض عن الحق ورده, من الجن والإنس, وبين خطأهم, فاعترفوا بذلك, فقال: " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي " الواضحات البينات, التي فيها تفاصيل الأمر والنهي, والخير والشر, والوعد والوعيد.
" وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا " ويعلمونكم أن النجاة فيه, والفوز إنما هو بامتثال أوامر الله, واجتناب نواهيه, وأن الشقاء والخسران في تضييع ذلك.
فأقروا بذلك واعترفوا, فـ " قالوا " " شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا " بزينتها, وزخرفها, ونعيمها فاطمأنوا بها, ورضوا بها, وألهتهم عن الآخرة.
" وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " فقامت عليهم حجة الله, وعلم حينئذ, كل أحد, حتى هم بأنفسهم.
عدل الله فيهم.
فقال لهم: حاكما عليهم بالعذاب الأليم: " ادْخُلُوا فِي " جملة " أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " صنعوا كصنيعكم, واستمتعوا بخلاقهم, كما استمعتم, وخاضوا بالباطل كما خضتم, إنهم كانوا خاسرين.
أي:: الأولون من هؤلاء والآخرون.
وأي خسران أعظم, من خسران جنات النعيم, وحرمان جوار أكرم الأكرمين؟!! ولكنهم, وإن اشتركوا في الخسران, فإنهم يتفاوتون في مقداره, تفاوتا عظيما.