السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم خفية, بغير رضاه.
وهو من كبائر الذنوب الموجبة, لترتب العقوبة الشنيعة, وهو قطع اليد التي, كما هو في قراءة بعض الصحابة.
وحد اليد عند الإطلاق: من الكوع.
فإذا سرق, قطعت يده من الكوع, وحسمت في زيت, لتنسد العروق فيقف الدم.
ولكن السنة قيدت عموم هذه الآية, من عدة أوجه: منها: الحرز, فإنه لابد أن تكون السرقة من حرز, وحرز كل مال: ما يحفظ به عادة.
فلو سرق من غير حرز, فلا قطع عليه.
ومنها: أنه لابد أن يكون المسروق نصابا, وهو: ربع دينار, أو ثلاثة دراهم, أو ما يساوي أحدهما.
فلو سرق دون ذلك, فلا قطع عليه.
ولعل هذا يؤخذ من لفظ السرقة ومعناها.
فإن لفظ " السرقة " أخذ الشيء, على وجه, لا يمكن الاحتراز منه.
وذلك أن يكون المال محرزا.
فلو كان غير محرز, لم يكن ذلك سرقة شرعية.
ومن الحكمة أيضا أن لا تقطع اليد, في الشيء النزر التافه.
فلما كان لابد من التقدير, كان التقدير الشرعي, مخصصا للكتاب.
والحكمة في قطع اليد في السرقة, أن ذلك حفظ للأموال, واحتياط لها, وليقطع العضو الذي صدرت منه الجناية.
فإن عاد السارق, قطعت رجله اليسرى.
فإن عاد, فقيل: تقطع يده اليسرى, ثم رجله اليمنى, وقيل: يحبس حتى يموت.
وقوله " جَزَاءً بِمَا كَسَبَا " أي: ذلك القطع, جزاء للسارق بما سرقه, من أموال الناس.
" نَكَالًا مِنَ اللَّهِ " أي: تنكيلا وترهيبا للسارق ولغيره, ليرتدع السراق - إذا علموا - أنهم سيقطعون إذا سرقوا.
" وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " أي: عز وحكم, فقطع السارق.