أي: وإن خفتم الشقاق بين الزوجين, والمباعدة والمجانبة, حتى يكون كل منهما في شق.
" فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا " أي: رجلين مكلفين, مسلمين عدلين, عاقلين, يعرفان ما بين الزوجين, ويعرفان الجمع والتفريق.
وهذا مستفاد من لفظ " الحكم " لأنه لا يصلح حكما, إلا من اتصف بتلك الصفات.
فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه, ثم يلزمان كلا منهما ما يجب.
فإن لم يستطع أحدهما ذلك, أقنعا الزوج الآخر بالرضا, بما تيسر من الرزق والخلق.
ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح, فلا يعدلا عنه.
فإن وصلت الحال, إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما, إلا على وجه المعاداة والمقاطعة, ومعصية الله, ورأيا أن التفريق بينهما أصلح, فرقا بينهما.
ولا يشترط رضا الزوج, كما يدل عليه, أن الله سماهما الحكمين.
والحكم يحكم, وإن لم يرض المحكوم عليه.
ولهذا قال: " إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا " أي: بسبب الرأي الميمون, والكلام الذي يجذب القلوب, ويؤلف بين القرينين.
" إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا " أي: عالما بجميع الظواهر والبواطن, مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها.
فمن علمه وخبره, أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة, والشرائع الجميلة.