أي: وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء, التي تحت حجوركم وولايتكم, وخفتم أن لا تقوموا بحقهن, لعدم محبتكم إياهن - فاعدلوا إلى غيرهن, وانكحوا " مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ " أي: ما وقع عليهن اختياركم, من ذوات الدين, والمال, والجمال, والحسب, والنسب, وغير ذلك من الصفات الداعية لنكاحهن, فاختاروا على نظركم.
ومن أحسن ما يختار من ذلك, صفه الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " تنكح المرأة لأربع: لمالها, ولجمالها, ولحسبها, ولدينها, فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يمينك " .
وفي هذه الآية - أنه ينبغي للإنسان, أن يختار قبل النكاح.
بل قد أباح له الشارع, النظر إلى من يريد تزوجها, ليكون على بصيرة من أمره.
ثم ذكر العدد الذي أباحه من النساء فقال: " مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ " أي: من أحب أن يأخذ اثنتين فليفعل, أو ثلاثا فليفعل, أو أربعا فليفعل, ولا يزيد عليها, لأن الآية سيقت لبيان الامتنان.
فلا يحوز الزيادة على غير ما سمى الله تعالى إجماعا.
وذلك لأن الرجل قد لا تندفع شهوته بالواحدة, فأبيح له واحدة بعد واحدة, حتى تبلغ أربعا, لأن في الأربع, غنية لكل أحد, إلا ما ندر.
ومع هذا, فإنما يباح له ذلك إذا أمن على نفسه الجور والظلم, ووثق بالقيام بحقوقهن.
فإن خاف شيئا من هذا, فليقتصر على واحدة, أو على ملك يمينه.
فإنه لا يجب عليه القسم, في ملك اليمين.
" ذَلِكَ " أي: الاقتصار على واحدة, أو ما ملكت اليمين " أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا " أي: تظلموا.
وفي هذا, إن تعرض العبد للأمر الذي يخاف منه الجور والظلم, وعدم القيام بالواجب - ولو كان مباحا - أنه لا ينبغي له أن يتعرض له, بل يلزم السعة والعافية, فإن العافية خير ما أعطي العبد.