" وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ " أي: المعاصي فيما دون الكفر.
" حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا " .
وذلك, أن التوبة في هذه الحال توبة اضطرار, لا تنفع صاحبها.
إنما تنفع توبة الاختيار.
ويحتمل أن يكون معنى قوله " من قريب " أي: قريب من فعلهم الذنب, الموجب للتوبة.
فيكون المعنى: من بادر إلى الإقلاع من حين صدور الذنب, وأناب إلى الله, وندم عليه فإن الله يتوب عليه.
بخلاف من استمر على ذنبه, وأصر على عيوبه, حتى صارت فيه صفات راسخة, فإنه يعسر عليه إيجاد التوبة التامة.
والغالب أنه لا يرفق للتوبة, ولا ييسر لأسبابها.
كالذي يعمل السوء على علم قائم, ويقين متهاون بنظر الله إليه, فإنه يسد على نفسه, باب الرحمة.
نعم قد يوفق الله عبده المصر على الذنوب, على عمد ويقين, للتوبة النافعة, التي يمحو بها ما سلف من سيئاته, وما تقدم من جناياته ولكن الرحمة والتوفيق للأول, أقرب.
ولهذا ختم الآية الأولى بقوله " وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا " .
فمن علمه أنه يعلم صادق التوبة وكاذبها, فيجازي كلا منهما, بحسب ما استحق بحكمته.
ومن حكمته, أن يوفق من اقتضت حكمته ورحمته, توفيقه للتوبة.
ويخذل من اقتضت حكمته وعدله, عدم توفيقه.
والله أعلم.