يخبر تعالى عن المنافقين بما كانوا عليه, من قبيح الصفات, وشنائع السمات.
وأن طريقتهم مخادعة الله تعالى, أي: بما أظهروه من الإيمان, وأبطنوه من الكفران.
ظنوا أنه يروج على الله, ولا يعلمه, ولا يبديه لعباده, والحال أن الله خادعهم.
فمجرد وجود هذه الحال منهم, ومشيهم عليها, خداع لأنفسهم.
وأي خداع أعظم, ممن يسعى سعيا, يعود عليه بالهوان والذل والحرمان؟!!.
ويدل - بمجرده - على نقص عقل صاحبه, حيث جمع بين المعصية, ورآها حسنة, وظنها من العقل والمكر.
فلله ما يصنع الجهل والخذلان بصاحبه!!.
ومن خداعه لهم يوم القيامة, ما ذكره الله في قوله: " يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ " إلى آخر الآيات.
ومن صفاتهم أنهم " وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ " التي هي أكبر الطاعات العملية, إن قاموا " قَامُوا كُسَالَى " متثاقلين لها, متبرمين من فعلها.
والكسل, لا يكون إلا من فقد الرغبة من قلوبهم.
فلولا أن قلوبهم فارغة من الرغبة إلى الله, وإلى ما عنده, عادمة للإيمان, لم يصدر منهم الكسل.
" يُرَاءُونَ النَّاسَ " أي: هذا الذي انطوت عليه سرائرهم, وهذا مصدر أعمالهم, مراءاة الناس.
يقصدون رؤية الناس, وتعظيمهم, واحترامهم, ولا يخلصون لله.
فلهذا " وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا " لامتلاء قلوبهم من الرياء.
فإن ذكر الله تعالى, وملازمته, لا يكون إلا من مؤمن, ممتلئ قلبه, بمحبة الله وعظمته.