ثم قال " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا " الآية.
أي: من تكرر منه الكفر بعد الإيمان, فاهتدى, ثم ضل وأبصر, ثم عمي وآمن, ثم كفر واستمر على كفره, وازداد منه, فإنه بعيد من التوفيق والهداية, لأقوم الطريق, وبعيد عن المغفرة, لكونه أتى بأعظم مانع يمنعه من حصولها.
فإن كفره, يكون عقوبة وطبعا, لا يزول كما قال تعالى " فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ " .
" وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ " .
ودلت الآية: أنهم, إن لم يزدادوا كفرا, بل رجعوا إلى الإيمان, وتركوا ما هم عليه من الكفران, فإن الله يغفر لهم, ولو تكررت منهم الردة.
وإذا كان هذا الحكم في الكفر, فغيره - من المعاصي التي دونه - من باب أولى أن العبد لو تكررت منه, ثم عاد إلى التوبة, عاد الله له بالمغفرة.