ثم ذكر عن هؤلاء الخائنين أنهم " يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ " .
وهذا من ضعف الإيمان, ونقصان اليقين, أن تكون مخافة الخلق عندهم, أعظم من مخافة الله فيحرصون بالطرق المباحة والمحرمة, على عدم الفضيحة عند الناس, وهم - مع ذلك - قد بارزوا الله بالعظائم, ولم يبالوه بنظره واطلاعه عليهم.
وهو معهم بالعلم, في جميع أحوالهم, خصوصا في حال تبييتهم ما لا يرضيه من القول, من تبرئة الجاني, ورمي البريء بالجناية, والسعي في ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم, ليفعل ما بيتوه.
فقد جمعوا بين عدة جنايات, ولم يراقبوا رب الأرض والسماوات, المطلع على سرائرهم وضمائرهم, ولهذا توعدهم تعالى بقوله: " وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا " أي: قد أحاط بذلك علما.
ومع هذا, لم يعاجلهم بالعقوبة, بل استأنى بهم, وعرض عليهم التوبة وحذرهم من الإصرار على ذنبهم, الموجب للعقوبة البليغة.