يخبر تعالى أن المكذبين من قريش, وأهل مكة, يقولون للرسول صلى اللّه عليه وسلم: " إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا " بالقتل والأسر, ونهب الأموال.
فإن الناس قد عادوك وخالفوك, فلو تابعناك, لتعرضنا لمعاداة الناس كلهم, ولم يكن لنا بهم طاقة.
وهذا الكلام منهم, يدل على سوء الظن باللّه تعالى, وأنه لا ينصر دينه, ولا يعلي كلمته.
بل يمكن الناس من أهل دينه, فيسومونهم سوء العذاب, وظنوا أن الباطل سيعلو على الحق.
قال اللّه - مبينا لهم حالة, هم بها دون الناس, وأن اللّه اختصهم بها فقال: " أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا " .
أي: أولم نجعلهم متمكنين, ممكنين في حرم, يكثر المنتابون إليه, ويقصده الزائرون, قد احترمه القريب والبعيد, فلا يهاج أهله, ولا ينتقصون بقليل ولا كثير.
والحال أن كل ما حولهم من الأماكن, قد حف بها الخوف من كل جانب, وأهلها غير آمنين ولا مطمئنين.
فَلْيَحْمَدُوا ربهم على هذا الأمن التام, الذي ليس فيه غيرهم, وعلى الرزق الكثير, الذي يجيء إليهم من كل مكان, من الثمرات, والأطعمة, والبضائع, ما به يرتزقون ويتوسعون.
ولْيَتَّبِعُوا هذا الرسول الكريم, ليتم لهم الأمن والرغد.