فأول هذه القصة " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ " في ملكه وسلطانه, وجنوده, وجبروته, فصار من أهل العلو فيها, لا من الأعلين فيها.
" وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا " أي: طوائف متفرقة, يتصرف فيهم بشهوته, وينفذ فيهم ما أراد من قهره, وسطوته.
" يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ " وتلك الطائفة, هم: بنو إسرائيل, الذين فضلهم اللّه على العالمين, الذين ينبغي له أن يكرمهم ويجلهم.
ولكنه استضعفهم, بحيث إنه رأى أنهم لا منعة لهم تمنعهم مما أراده فيهم.
فصار لا يبالي بهم ولا يهتم بشأنهم, وبلغت به الحال, إلى أنه " يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ " خوفا من أن يكثروا, فيغمروه في بلاده, ويصير لهم الملك.
" إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ " الذين لا قصد لهم في صلاح الدين, ولا صلاح الدنيا, وهذا من إفساده في الأرض.