فذهب موسى برسالة ربه " فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ " واضحات الدلالة على ما قال لهم, ليس فيها قصور, ولا خفاء.
" قَالُوا " على وجه الظلم, والعلو, والعناد " مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى " كما قال فرعون في تلك الحال, التي ظهر فيها الحق, واستعلى على الباطل, واضمحل الباطل, وخضع له الرؤساء العارفون حقائق الأمور " إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ " (هذا, وهو الذكي غير الزكي الذي بلغ من المكر والخداع والكيد, ما قصه اللّه علينا وقد علم " مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " ولكن الشقاء غالب.
" وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ " وقد كذبوا في ذلك, فإن اللّه أرسل يوسف, قبل موسى كما قال تعالى " وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ " .