" قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً " ماء, لأن القوارير شفافة, يرى الماء الذي تحتها, كأنه بذاته, يجري, ليس دونه شيء.
" وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا " لتخوضه, وهذا أيضا من عقلها, وأدبها.
فإنها لم تمتنع من الدخول للمحل, الذي أمرت بدخوله, لعلمها أنها لم تستدع إلا للإكرام وأن ملك سليمان وتنظيمه, قد بناه على الحكمة, ولم يكن, في قلبها أدنى شك, من حالة السوء بعد ما رأت, ما رأت.
فلما استعدت للخوض قيل لها " إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ " أي: مجلس " مِنْ قَوَارِيرَ " فلا حاجة منك لكشف الساقين.
فحينئذ لما وصلت إلى سليمان, وشاهدت ما شاهدت, وعلمت نبوته ورسالته, ثابت ورجعت عن كفرها, و " قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " .
فهذا ما قصه الله علينا, من قصة ملكة سبأ, وما جرى لها مع سليمان.
وما عدا ذلك من الفروع المولدة, والقصص الإسرائيلية, فإنه لا يتعلق بالتفسير لكلام الله, وهو من الأمور, التي يتوقف الجزم بها, على الدليل المعلوم عن المعصوم.
والمنقولات في هذا الباب كلها, أو أكثرها, ليس كذلك.
قالحزم كل الحزم, الإعراض عنها, وعدم إدخالها في التفاسير.
والله أعلم.