كرر تعالى في هذه السورة الكريمة قوله " تَبَارَكَ " ثلاث مرات, لأن معناها كما تقدم, أنها تدل على عظمة البارى, وكثرة أوصافه, وكثرة خيراته وإحسانه.
وهذه السورة, فيها من الاستدلال على عظمته, وسعة سلطانه, ونفوذ مشيئته, وعموم علمه وقدرته, وإحاطة ملكه في الأحكام الأمرية الجزائية وكمال حكمته.
وفيها, ما يدل على سعة رحمته, وواسع جوده, وكثرة خيراته, الدينية والدنيوية, ما هو مقتض لتكرار هذا الوصف الحسن فقال: " تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا " وهي النجوم, عمومها أو منازل الشمس والقمر التي تنزل منزلة منزلة, وهي بمنزلة البروج, والقلاع للمدن في حفظها.
كذلك النجوم بمنزلة البروج المجعولة للحراسة فإنها رجوم للشياطين.
" وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا " فيه النور والحرارة, وهي: الشمس.
" وَقَمَرًا مُنِيرًا " فيه النور, لا الحرارة, وهذا من أدلة عظمته, وكثرة إحسانه.
فإن ما فيها من الخلق الباهر, والتدبير المنتظم, والجمال العظيم, دال على عظمة خالقها في أوصافه كلها.
وما فيها من المصالح للخلق, والمنافع, دليل على كثرة خيراته.