ينبه عباده على ما يشاهدونه, أنه خلق جميع الدواب, التي على وجه الأرض.
" مِنْ مَاءٍ " أي: مادتها كلها, الماء, كما قال تعالى: " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ " .
فالحيوانات التي تتوالد, مادتها, ماء النطفة, حين يلقح الذكر الأنثى.
والحيوانات التي تتولد من الأرض, لا تتولد إلا من الرطوبات المائية, كالحشرات لا يوجد منها شيء, يتولد من غير ماء أبدا.
فالمادة واحدة, ولكن الخلقة مختلفة, من وجوه كثيرة.
" فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ " كالحية ونحوها.
" وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ " كالآدميين, وكثير من الطيور.
" وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ " كبهيمة الأنعام ونحوها.
فاختلافها - مع أن الأصل واحد - يدل على نفود مشيئة الله, وعموم قدرته, ولهذا قال: " يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ " أي: من المخلوقات, على ما يشاؤه من الصفات.
" إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " كما أنزل المطر على الأرض, وهو لقاح واحد, والأم واحدة, وهي الأرض, والأولاد مختلفو الأصناف والأوصاف " وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " .