تفسير السعدي - سورة المؤمنون الآية ٤١

سورة الناس تفسير السعدي

فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَٰهُمْ غُثَآءًۭ ۚ فَبُعْدًۭا لِّلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿٤١﴾
فـ " قَالَ " الله مجيبا لدعوته: " عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ " لا بالظلم والجور, بل بالعدل وظلمهم, أخذتهم الصيحة, فأهلكتهم عن آخرهم. " فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً " أي هشيما يبسا بمنزلة غثاء السيل الملقى في جنبات الوادي, وقال في الآية الأخرى " إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ " " فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " أي: أتبعوا مع عذابهم, البعد واللعنة والذم من العالمين. " فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ " . هذا التعبير مجاز عن عدم الاكتراث بهلاكهم والاعتداد بوجودهم. وفيه تهكم بهم, وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده, فيقال عنه: " بكت عليه السماء والأرض " . ومنه ما روي " أن المؤمن إذا مات, ليبكي عليه مصلاه, ومحل عبادته, ومصاعد عمله, ومهابط رزقه, وآثاره في الأرض " . وعن الحسن يبكي عليه أهل السماء والأرض. " وَمَا كَانُوا " لما جاءهم وقت هلاكهم " مُنْظَرِينَ " أي: ممهلين إلى وقت آخر, بل عجل لهم العذاب في الدنيا. والمعنى الإجمالي: فما حزنت عليهم السماء والأرض عندما أخذهم العذاب, لهوان شأنهم, لأنهم ماتوا كفارا, ولم ينظروا لتوبة, ولم يمهلوا لتدارك تقصيرهم احتقارا لهم.
مشاركة الموضوع