فلما تبين لهم بطلانه, أخبرهم بمن يستحق العبادة وحده لا شريك له, فقال: " إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا " .
أي لا معبود إلا وجهه الكريم, فلا يؤله, ولا يحب, ولا يرجى ولا يخاف, ولا يدعى إلا هو لأنه الكامل الذي له الأسماء الحسنى, والصفات العلى, المحيط علمه, بجميع الأشياء, الذي ما من نعمة بالعباد, إلا منه, ولا يدفع السوء إلا هو.
فلا إله إلا هو, ولا معبود سواه.
يمتن الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم, بما قصه عليه من أنباء السابقين, وأخبار السالفين, كهذه القصة العظيمة, وما فيها من الأحكام وغيرها, التي لا ينكرها أحد من أهل الكتاب.
فأنت لم تدرس أخبار الأولين, ولم تتعلم ممن دراها.
فإخبارك بالحق اليقين من أخبارهم, دليل على أنك رسول الله حقا, وما جئت به صدق.
ولهذا قال: " وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا " أي: عطية نفسية ومنحة جزيلة من عندنا " ذِكْرًا " وهو: وهذا القرآن الكريم, ذكر للأخبار السابقة واللاحقة, وذكر يتذكر به ما لله تعالى من الأسماء, والصفات الكاملة, ويتذكر به أحكام الأمر والنهي, وأحكام الجزاء.
وهذا مما يدل على أن القرآن مشتمل على أحسن ما يكون من الأحكام, التي تشهد العقول والفطر, بحسنها, وكمالها, ويذكر هذا القرآن ما أودع الله فيها.
وإذا كان القرآن ذكرا للرسول ولأمته, فيجب تلقيه بالقبول والتسليم, والانقياد, والتعظيم, وأن يهتدى بنوره إلى الصراط المستقيم, وأن يقبلوا عليه بالتعلم والتعليم.
وأما مقابلته بالإعراض, أو ما هم أعم منه من الإنكار فإنه كفر لهذه النعمة, ومن فعل ذلك, فهو مستحق للعقوبة.