يخبر تعالى, أنه أرى فرعون من الآيات والعبر والقواطع, جميع أنواعها العيانية, والأفقية والنفسية, فما استقام ولا ارعوى, وإنما كذب وتولى.
كذب الخبر, وتولى عن الأمر والنهي, وجعل الحق باطلا, والباطل حقا, وجادل بالباطل, ليضل الناس فقال: " أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ " .
زعم أن هذه الآيات التي أراه إياها موسى, سحر وتمويه, المقصود منها, إخراجهم من أرضهم, والاستيلاء عليها, ليكون كلامه مؤثرا في قلوب قومه.
فإن الطباع, تميل إلى أوطانها, ويصعب عليها الخروج منها ومفارقتها.
فأخبرهم أن موسى هذا قصده, ليبغضوه, ويسعوا في محاربته, فلنأتينك بسحر مثل سحرك فأمهلنا, واجعل لنا " مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى " أي: مستو علمنا وعلمك به, أو مكانا مستويا معتدلا لتتمكن من رؤية ما فيه.