ثم استطرد في هذا الدليل القاطع, بذكر كثير من نعمه وإحسانه الضروري, فقال: " الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا " أي: فراشا بحالة تتمكنون من السكون فيها, والقرار, والبناء, والغراس, وإثارتها للازدراع وغيره, وذللها لذلك, ولم يجعلها ممتنعة عن مصلحة من مصالحكم.
" وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا " أي: نفذ لكم الطرق الموصلة, من أرض, إلى أرض, ومن قطر إلى قطر, حتى كان الآدميون, يتمكنون من الوصول إلى جميع الأرض بأسهل ما يكون, وينتفعون بأسفارهم, أكثر مما ينتفعون بإقامتهم.
" وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى " .
أي: أنزل المطر " فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا " وأثبت بذلك جميع أصناف النباتات على اختلاف أنواعها, وتشتت أشكالها, وتباين أحوالها.
فساقه, وقدره, ويسره ورزقا لنا ولأنعامنا, ولولا ذلك, لهلك من عليها من آدمي وحيوان.