ففي هذه الحالة, حرم الله على موسى المراضع, فلا يقبل ثدي امرأة قط, ليكون مآله إلى أمه, فترضعه, ويكون عندها, مطمئنة ساكنة, قريرة العين.
فجعلوا يعرضون عليه المراضع, فلا يقبل ثديا.
فجاءت أخت موسى, فقالت لهم " هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " .
" فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا " وهو القبطي لما دخل المدينة وقت غفلة من أهلها, وجد رجلين يقتتلان, واحد من شيعة موسى, والآخر من عدوه قبطي " فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه " .
فدعا الله وسأله المغفرة, فغفر له, ثم فر هاربا, لما سمع أن الملأ طلبوه, يريدون قتله.
" فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ " من عقوبة الذنب, ومن القتل.
" وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا " أي: اختبرناك, وبلوناك, فوجدناك مستقيما في أحوالك.
أو نقلناك في أحوالك, وأطوارك, حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.
" فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ " حين فر هاربا من فرعون وملأه, حين أرادو قتله.
فتوجه إلى مدين, ووصل إليها, وتزوج هناك, ومكث عشر سنين, أو ثمان سنين.
" ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى " أي: جئت مجيئا, ليس اتفاقا من غير قصد, ولا تدبير منا, بل بقدر ولطف منا.
وهذا يدل على كمال اعتناء الله, بكليمه, موسى عليه السلام, ولهذا قال: