يخبر تعالى, عن عظمة القرآن وجلالته وعمومه وأنه صرف فيه من كل مثل.
أي: من كل طريق موصل إلى العلوم النافعة, والسعادة الأبدية, وكل طريق يعصم من الشر والهلاك.
ففيه أمثال الحلال والحرام, وجزاء الأعمال, والترغيب والترهيب, والأخبار الصادقة النافعة للقلوب, اعتقادا, وطمأنينة, ونورا.
وهذا مما يوجب التسليم لهذا القرآن وتلقيه بالانقياد والطاعة, وعدم المنازعة له, في أمر من الأمور.
ومع ذلك, كان كثير من الناس, يجادلون في الحق, بعد ما تبين, ويجادلون بالباطل " لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ " ولهذا قال: " وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا " أي: مجادلة ومنازعة فيه, مع أن ذلك, غير لائق بهم, ولا عدل منهم.
والذي أوجب له ذلك, وعدم الإيمان بالله, إنما هو الظلم والعناد, لا القصور في بيانه وحجته, وبرهانه.
وإلا, فلو جاءهم العذاب, وجاءهم ما جاء قبلهم, لم تكن هذه حالهم, ولهذا قال: " وَمَا مَنَعَ النَّاسَ " إلى " قُبُلًا " .