وهذا دليل قاطع, وبرهان ساطع, على صحة ما جاء به الرسول وصدقه.
حيث تحدى الله الإنس والجن أن يأتوا بمثله, وأخبر أنهم لا يأتون بمثله, ولو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه.
ووقع كما أخبر الله, فإن دواعي أعدائه المكذبين به, متوفرة على رد ما جاء به, بأي وجه كان, وهم أهل اللسان والفصاحة.
فلو كان عندهم أدنى تأهل, وتمكن من ذلك, لفعلوه.
فعلم بذلك, أنهم أذعنوا غاية الإذعان, طوعا وكرها, وعجزوا عن معارضته.
وكيف يقدر المخلوق من تراب, الناقص من جميع الوجوه, الذي ليس له علم, ولا قدرة, ولا إرادة, ولا مشيئة, ولا كلام ولا كمال, إلا من ربه أن يعارض كلام رب الأرض والسماوات, المطلع على سائر الخفيات, الذي له الكمال المطلق, والحمد المطلق, والمجد العظيم, الذي لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مدادا, والأشجار كلها أقلام, لنفذ المداد, وفنيت الأقلام, ولم تنفد كلمات الله.
فكما أنه ليس أحد من المخلوقين, مماثلا لله في أوصافه, فكلامه من أوصافه, التي لا يماثله فيها أحد.
فليس كمثله شيء, في ذاته, وأسمائه, وصفاته, وأفعاله تبارك وتعالى.
فتبا لمن اشتبه عليه كلام الخالق بكلام المخلوق, وزعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم, افتراه على الله واختلقه من نفسه.