ولهذا قال: " فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ " المتضمنة للتسوية بينه وبين خلقه.
" إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " فعلينا أن لا نقول عليه بلا علم, وأن نسمع ما ضربه العليم من الأمثال, فلهذا ضرب تعالى مثلين له ولمن يعبد من دونه.
أحدهما عبد مملوك, أي: رقيق لا يملك نفسه, ولا يملك من المال والدنيا شيئا.
والثاني حر غني قد رزقه الله منه رزقا حسنا, من جميع أصناف المال وهو كريم محب للإحسان, فهو ينفق منه سرا وجهرا, هل يستوي هذا وذاك؟! لا يستويان, مع أنهما مخلوقان, وغير محال استواؤهما.
فإذا كانا لا يستويان, فكيف يستوي المخلوق والعبد, الذي ليس له ملك ولا قدرة, ولا استطاعة بل هو فقير من جميع الوجوه, بالرب المالك لجميع الممالك, القادر على كل شيء؟!!.
ولهذا حمد نفسه, واختص بالحمد بأنواعه, فقال: " الْحَمْدُ لِلَّهِ " .
فكأنه قيل: إذا كان الأمر كذلك فلم سوى المشركون آلهتهم بالله؟ قال: " بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " فلو علموا حقيقة العلم, لم يتجرأوا على الشرك العظيم.