يخبر تعالى بفضل المؤمنين الممتحنين " وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ " أي: في سبيله, وابتغاء مرضاته " مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا " بالأذية والمحنة من قومهم, الذين يفتنونهم ليردوهم إلى الكفر والشرك, فتركوا الأوطان والخلان, وانتقلوا عنها لأجل طاعة الرحمن.
فذكر لهم ثوابين, ثوابا عاجلا في الدنيا, من الرزق الواسع, والعيش الهنيء, الذي رأوه عيانا, بعد ما هاجروا, وانتصروا على أعدائهم, وافتتحوا البلدان, وغنموا منها الغنائم العظيمة, فتمولوا, وآتاهم الله في الدنيا حسنة.
" وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ " الذي وعدهم الله على لسان رسوله خير, و " أَكْبَرُ " من أجر الدنيا كما قال تعالى " الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ " .
وقوله: " لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " أي: لو كان لهم علم ويقين بما عند الله من الأجر والثواب لمن آمن به وهاجر في سبيله, لم يتخلف عن ذلك أحد.