أي: وقال المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم, استهزاء وسخرية: " يا أيها الذي نزل عليه الذكر " على زعمك " إنك لمجنون " إذ تظن أنا سنتبعك, ونترك ما وجدنا عليه آباءنا, لمجرد قولك: " لو ما تأتينا بالملائكة " يشهدون لك بصحة ما جئت به " إن كنت من الصادقين " فلما لم تأت بالملائكة, فلست بصادق.
وهذا من أعظم الظلم والجهل.
أما الظلم, فظاهر, فإن هذا تجرؤ على الله وتعنت بتعيين الآيات, التي لم يخترها, وحصل المقصود والبرهان بدونها, من الآيات الكثيرة, الدالة على صحة ما جاء به.
وأما الجهل, فإنهم جهلوا مصلحتهم من مضرتهم.
فليس في إنزال الملائكة, خير لهم, بل لا ينزل الله الملائكة إلا بالحق الذي لا إمهال على من لم يتبعه وينقد له.
" وما كانوا إذا " أي: حين تنزل الملائكة, إن لم يؤمنوا, ولن يؤمنوا " منظرين " أي: بمهملين.
فصار طلبهم لإنزال الملائكة, تعجيلا لأنفسهم بالهلاك والدمار.
فإن الإيمان ليس في أيديهم, وإنما هو بيد الله.
" ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله, ولكن أكثرهم يجهلون " ويكفيهم من الآيات, إن كانوا صادقين, هذا القرآن العظيم ولهذا قال هنا: