فلما رأوه, لا ينكف عما كان عليه من دعوتهم, ولم يدركوا منه مطلوبهم " قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " .
فما أجهلهم وأضلهم, حيث قالوا هذه المقالة, لنبيهم الناصح.
فهلا قالوا: إن كانوا صادقين: يا نوح قد نصحتنا, وأشفقت علينا, ودعوتنا إلى أمر, لم يتبين لنا, فنريد منك أن تبينه لنا.
لننقاد لك, وإلا فأنت مشكور في نصحك.
لكان هذا الجواب المنصف, للذي قد دعا إلى أمر خفي عليه.
ولكنهم في قولهم, كاذبون, وعلى نبيهم متجرئون.
ولم يردوا ما قاله بأدنى شبهة, فضلا عن أن يردوه بحجة.
ولهذا عدلوا - من جهلهم وظلمهم - إلى الاستعجال بالعذاب, وتعجيز الله.