تفسير السعدي - سورة الفاتحة الآية ٧

سورة الناس تفسير السعدي

صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ﴿٧﴾
وهذا الصراط المستقيم هو " صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. " غَيْرِ " صراط " الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ " الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. و " لَا " صراط " الضَّالِّينَ " الذين تركوا الحق على جهل وضلال, كالنصارى ونحوهم. فهذه السورة, على إيجازها, قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن. فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله " رَبِّ الْعَالَمِينَ " . وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة, يؤخذ من لفظ " اللَّهِ " ومن قوله " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " . وتوحيد الأسماء والصفات, وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى, التي أثبتها لنفسه, وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه, وقد دل على ذلك لفظ " الْحَمْدُ " كما تقدم. وتضمنت إثبات النبوة في قوله " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة. وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله " مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " وأن الجزاء يكون بالعدل, لأن الدين معناة الجزاء بالعدل. وتضمنت إثبات القدر, وأن العبد فاعل حقيقة, خلافا للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " لأنه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك. وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى, عبادة, واستعانة في قوله: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " . فالحمد لله رب العالمين.
مشاركة الموضوع