ملخص الخطبة | |
1- معنى الصوم. 2- دليل فرضيته. 3- الصيام عند الأمم السابقة. 4- فضائل شهر رمضان. 5- لماذا شرع الله الصوم. 6- كيف تقضي ليالي ونهار رمضان. | |
الخطبة الأولى | |
قال الله تعالى: فرض الله تعالى صيامها وجعل صيامها سببا إلى التقوى. فما الصوم؟ وما فضائل رمضان؟ ولماذا الصوم؟ وكيف تقضى أيام رمضان؟ وما موقف المسلم منه؟ أما الصوم: فهو الإمساك، قال تعالى: والصيام ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب قوله تعالى: والصيام قديم قدم البشرية على الأرض كما قال تعالى: وأما ما هي فضائل رمضان: فيه ليلة القدر: وهي الليلة التي أنزل الله فيها القرآن وهي ليلة خير من ألف شهر قال تعالى: مضاعفة الحسنات: للحديث: ((من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه))([4]). الأجر عظيم: للحديث: يقول الله عز وجل: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به))([5]). قال الخطابي: (سبب إضافة الصيام إلى الله تعالى (قيل) إضافة تشريف كقوله تعالى (ناقة الله) مع أن العالم كله لله تعالى: وفيه بيان عظيم فضل الصوم والحث عليه وقوله (وأنا أجزي به) بيان عظم فضله وكثرة ثوابه لأن الكريم إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه اقتضى عظم قدر الجزاء وسعة العطاء)([6]). دعاء مستجاب: للحديث: ((ثلاثة لا ترد دعوته: الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين))([7]). وللحديث: ((إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد))([8]). وعد بالفرح في الآخرة: للحديث: ((للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه))([9]). باب في الجنة خاص بالصائمين: للحديث: ((إن في الجنة بابا يقال له: الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد))([10]). قال الشرقاوي: الريان نقيض العطشان مشتق من الري مناسب لحال الصائمين للحديث: ((من دخل شرب، ومن شرب لا يظمأ أبدا))([11]). تنشط فيه بواعث الخير: للحديث: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين))([12]). ((وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر))([13]). مكفر للخطايا والذنوب: للحديث: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر))([14]). وللحديث: ((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))([15]). وأما لماذا الصوم؟ فتلك شبهة يثيرها ضعاف القلوب والعقول يقولون: لماذا الصوم؟ ولماذا نعذب الجسد بالجوع؟ حتى قال أحدهم: إن الصوم يعطل اقتصاد البلاد: ونقول لهؤلاء ابتداء: الصوم عبادة وطاعة، أمرنا الخالق سبحانه بها، فالله ربنا ونحن عبيده وكفى بالله حكيما فيما شرع وقضى، وإن من الأحكام ما أبان رب العزة عن حكمة تشريعه كتحريم الخمر والميسر قال تعالى: ومما يهدف إليه الصوم: تربية الإنسان على الخلق الكريم: فالذي يحبس نفسه عن الحلال حياء من الله تعالى، واستشعارا لرقابته سبحانه، أيعقل أن تتجرأ نفسه على الحرام؟ جاء في الحديث: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن))([16]). فدل على أن العبد عند ارتكابه لهذه المعاصي إنما كان في حال حيواني فقد فيه الحياء والتعظيم لنظر الحق جل وعلا. لذا قال تعالى: استعلاء وجهاد: فالمسلم حين يصوم إنما يحقق معنى الاستعلاء على ضرورات الأرض طاعة وتعظيما لله فلا يستذله مال، ولا سلطان، ولا شهوة، وقال العلماء: ((الصوم المتصل الدائم غايته فناء الذات والنوع أي الذرية وهذا يعني أن المسلم يعد نفسه ويعاهد الله تعالى أن يفني ذاته ونوعه في سبيله سبحانه وعلى هذا ترى الأصحاب والسلف فتحوا الأرض جهادا رافعين راية لا إله إلا الله محمداً رسول الله، أما الجيوش التي تعيش في بؤر الفساد والامتهان والاستعباد والمظاهر الجوفاء، الجيوش الورقية التي لا تثبت في معركة فيها شرف وكرامة، إنما تثبت في المعارك التي تكون ضد العزل ممن يقولون لا إله إلا الله وفي المعارك التي لا شرف فيها ولا كرامة ولا حول ولا قوة إلا بالله. التكافل: قوام الحياة بالطعام والشراب، أراد الله تعالى أن نعيش أياما معدودة نستشعر ما يلقاه إخوة لنا طوال السنة بل السنين من جوع ومرض وبسبب جهادهم كأفغانستان وفلسطين والفلبين وغيرهما، فيكون باعث غيرة وإحساس. لما للأخوة الإسلامية من حق وواجب للحديث: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر الحمى))([17])، ولكن في أمتنا لا نسمع إلا ما يندى له جبين الشريف، فلان يتبرع بعشرين ألف دينار لفريق كرة عابث، وآخر يتبرع لعاهرة بما لو أنفقته على شعب لأسعدهم، ولكنها البلادة والتخبط في مال الله بغير الحق: وأما كيف نقضي أيام رمضان؟ فهناك أعمال قولية وأخرى فعلية؟ فإن للصيام ركنين لا يصح الصيام إلا بهما: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. النية للحديث: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له))([18]). وهي عمل قلبي، فمن تسحر الليل قاصدا الصيام فهو ناوٍ. وأما الأعمال القولية: قراءة القرآن: ((فإن جبريل عليه السلام كان يلقي الرسول الدعاء: للحديث: ((ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم))([21])، وللحديث: ((إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد))([22]). وكان عبد الله بن العباس يقول: ((اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي)). الذكر للحديث: ((ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب الله، من ذكر الله عز وجل))([23]). وأما الأعمال الفعلية: قيام الليل: للحديث: ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))([24]). وفي العشر الأواخر بالخصوص للحديث: ((قالت عائشة: إن النبي الجود والتصدق: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله كف الجوارح عن المعاصي للحديث: ((ليس الصيام عن الأكل والشرب، إنما الصيام عن اللغو، والرفث، فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل: إني صائم، إني صائم ))([27]). وأما موقف المسلم من رمضان: الاجتهاد في تلاوة القرآن: وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال وكان قتادة يختم في كل سبع دائما، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمه يقرؤها في غير الصلاة، وقال سفيان الثوري: (إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة وعليه يدل عمل غيرهم)([28]). وتحري ليلة القدر: وهي في الوتر من العشر الأواخر للحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله وكان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره([30]). وقيام ليلة القدر يحصل بساعة، قيل: بإحياء معظم الليل، وقيل: بأن يصلي الصبح في جماعة وقال الشافعي: (من شهد العشاء والصبح ليلة القدر أخذ بحظه منها)([31]). ولكن الأحسن الاجتهاد وبذل الوسع ما أمكن فقد ((كان رسول الله الرجاء والسؤال والدعاء أن يتقبل الله سبحانه صيام الشهر وقيامه وتلاوته وذكره واستغفاره، فلقد كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده، يقول علي نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وأن لا يردنا محرومين ولا خائبين ولا منكسرين إنه جواد رحيم كريم.
| |