ملخص الخطبة | |
1- ترك الدعوة موجب للهلاك. 2- العمل الدعوي الجماعي ودليل مشروعيته. 3- منزلة الداعية. 4- صفات الداعية. 5- أدب الدعاة عند الاختلاف. 6- أسباب الاختلاف. | |
الخطبة الأولى | |
يقول الله تعالى: الدعوة إلى الله تعالى فرض على كل متبع للمصطفى فما الدعوة؟ وكيف تؤدى؟ وما مكانة الداعية وصفته؟ وما آداب الدعاة عند الاختلاف؟ وما أسباب الاختلاف؟ أما الدعوة: فهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وترك الدعوة موجب للعنة، قال تعالى: ترك الدعوة موجب لمنع إجابة الدعاء للحديث: ((لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم))([1]). ترك الدعوة موجب للعذاب الأليم للحديث: ((إن القوم إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بعقاب))([2]). أما كيف تؤدى؟ فالدعوة تؤدى على نحوين: فردية: للحديث: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))([3]). جماعية: ولها دلائل من الكتاب: وأما مكانة الداعية وصفته: 1- فالداعية إلى الله تعالى من أعظم الناس أجرا للحديث: ((فو الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم))([5]). 2- والداعية من أكرم الناس قولا وأحسنه قال تعالى: 3- والداعية من أعظم الناس غيرة على دينه فليس في إيمانه بلادة ولا خمود بل هو إيمان متأجج فيه اللوعة وفيه الحرقة ولن تقر عينه بشيء من متاع حتى يرى كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، يقول الفضيل بن عياض: ((إن قلوب الأبرار لتغلي بأعمال البر وإن قلوب الفجار لتغلي بأعمال الفجور، والله يرى همومكم فانظروا رحمكم الله ما همومكم)). 4- والداعية من أبرأ الناس ذمة يوم القيامة والحساب، حيث بلغ الأمانة وأدى الرسالة ونصح وبلغ ورغب ورهب لأحد عليه حجة قال تعالى: 5- والداعية من أحق الناس بكرامة الله له فذات مرة احتاج المسلمون إلى نصب معسكرهم في إحدى غابات أفريقيا التي كانت تموج بالسباع والحشرات السامة، فوصل عقبة بن نافع قائد الجيش إلى ناحية ببعض أصحاب رسول الله 6- والداعية من أعرف الناس بمقام الأنبياء والرسل، وبتقدير جهادهم، لأنه يقف موقفهم، ويحس بمعاناتهم من خلال إعراض المعرضين، وسخرية الساخرين، كما أنه يكون أكثر إدراكا لقصص الأنبياء في القرآن الكريم، وأكثر تأثرا بآيات الرجاء والتصبر والاحتساب. 7- والداعية هو الذي يعرف مواطن الداء، ويتقن فن إعطاء الدواء، فليس بالفظ قال تعالى: 8- الداعية هو الذي يؤثر ولا يتأثر، يؤثر في الناس بصدقه وإخلاصه وخلقه وعلمه وثباته ولا يتأثر بالمفاهيم الجاهلية التي يتعامل بها الناس أو يحتكمون إليها من إقليمية بغيضة وتعلق بالأشخاص، وموازين معوجة وصدق الله العظيم: وفي شرح الحديث تحريم وصف المنافق بأوصاف الاحترام والتقدير، وأن وصفه بذلك يستدعي غضب الله عز وجل لأنه تعظيم لعدوه الخارج عن طاعته المستحق للإهانة والتحقير([8]). 9- الداعية هو الذي يحب الخير للناس كل الناس، ويعيش هموم المسلمين وأفراحهم، فهو عالمي الهم، عالمي الفرح يقول ابن عباس وأما أدب الدعاة عند الاختلاف: فالناس يختلفون في نظرتهم إلى أي أمر فكل يراه من ناحية، فكان اختلاف الأقوال، وارد وهذا أمر قديم ولا ينكره منصف عارف، ولكن الذي ننكره هو اختلاف القلوب بسبب اختلاف الأقوال. وما ينبغي أن يعلمه كل داعية إلى الله تعالى على وجه الخصوص هو: جواز تعدد الصواب: الرجلان اللذان فقدا الماء فتيمما وصليا ثم وجداه فقام أحدهما فتوضأ وأعاد واكتفى الآخر بالصلاة الأولى، فلما عادا إلى الرسول إن هناك منكرا أصغر ومنكرا أكبر: وكل منكر أصغر إنما يستمد وجوده من المنكر الأكبر. إنا دعاة لا قضاة: فالحكم على الناس بالكفر أو الإيمان من غير بينة أو إقرار أو أداء لواجب الدعوة مخالف لعقيدتنا يقول الإمام الطحاوي رحمه الله: ((ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله)). أن نستشعر خطر العدو المشترك فالكفر ملة واحدة بل يد واحدة، اليهودية تلتقي مع الصليبية مع الشيوعية ضد إسلامنا والله تعالى يدعونا أن نتخذ من الكفار قدوة في موالاة بضعهم لبعض قال تعالى: وأما أسباب الاختلاف: فكثيرة منها: سوء التقدير والموازنة بين الأصول والفروع: دخل الإمام البنا ورأى المصلين يتنازعون في صلاة والتراويح منهم المصر على صلاة عشرين للأثر الثابت عن عمر فقدان العالمية: إسلامنا لا يعرف الإقليميات ولا الانتساب إلى الطيب ولا اختلاف الألسن والألوان وإنما هو دعوة عالمية لكل البشر قال تعالى: فقدان الشمولية: إسلامنا كل لا يتجزأ ولا يحل لأحد مهما كان له من علم أو دراية أن يقدم أو يؤخر أو يضخم جانبا على حساب جانب آخر قال تعالى: الأهواء: ومداخل الشيطان إلى قلب العبد لا يقف حائلا دونها إلا التقوى فإهمال المتقادم في وجوده فيما نحث عليه المبتدئ من صلاة وصيام وذكر واستغفار ومجاهدة للحديث: ((إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس وإذا نسي التقم قلبه))([10]). وللحديث: ((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم([11])- فضيقوا مجاريه بالجوع))([12]). وبغير هذه الرياض الروحية، يعرض العبد قلبه لسهام الشيطان، بل يزيده لجاجة وإضلالا، بتلبيسه حيث يوحي إليه بالقياس الفاسد ومعارضة النصوص بتأويلات ساقطة وحذلقة لا يقرها عاقل وصدق الله العظيم:
| |