ملخص الخطبة | |
1- معنى الصلاة ووقت فرضيتها. 2- أحكام تارك الصلاة. 3- أهمية الصلاة. 4- دروس مستفادة من الصلاة. 5- بواعث الخشوع في الصلاة. | |
الخطبة الأولى | |
قال الله تعالى: فما الصلاة؟ وما مكانتها؟ ولماذا؟ وما الدروس المستفادة منها؟ وما بواعث الخشوع في الصلاة ؟ أما الصلاة: فمعناها الدعاء لغة وهي اصطلاحا: عبادة تحوي أقوالا وأفعالا مخصوصة تبدأ بالتكبير لله تعالى وتختم بالتسليم. وينبغي أن تعلم: أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء والمعراج خمسين ثم أنقصت حتى جعلت خمسا ثم نودي: ((يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وإن لك بهذه الخمس خمسين))([1]). إن المحافظ عليها على خير عظيم، وتاركها في جحيم مقيم، جاء في الحديث: ((من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة ويحشر مع فرعون وهامان وأبي بن خلف))([2]). ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى: أن (تارك الصلاة يحشر مع مثيله في الصد والامتناع فمن شغلته رئاسته عن الصلاة حشر مع فرعون، ومن شغلته وزارته ووظيفته حشر مع هامان، ومن شغلته تجارته وماله حشر مع أبي بن خلف). وتارك الصلاة جحودا وإنكارا وسخرية كافر للحديث: ((بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة))([3]). وإذا كان الترك للعجز والكسل مع الاعتراف بفرضيتها فهو فاسق وعقوبته القتل للحديث: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله))([4]). وذهب جمهور العلماء إلى أن تارك الصلاة واحدة يقتل ويضرب عنقه بالسيف، وقيل: يضرب بالخشب ويجب على الوالد أن يأمر ولده وأن يضربه إذا بلغ عشرا ولم يصل للحديث: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع))([5]). والتارك للصلاة سنين ثم عاد تائبا لله تعالى، هل يجب عليه القضاء لما فات؟ رجح ابن تيميه رحمه الله، أن تارك الصلاة عمدا لا يشرع له قضاؤها ولا تصح منه بل يكثر من التطوع وفعل الخير وليتب ويستغفر. لماذا الصلاة؟ وهل لابد من الصلاة؟ نعم: لابد منها: 1- لأنها دليل اعتراف العبد بعبوديته لله، وصورة شكر العبد ربه: ((كان عليه الصلاة والسلام يقوم الليل حتى تتفطر قدماه فتقول له عائشة رضي الله عنها: إن الله قد غفر لك من ذنبك ما تقدم وما تأخر، فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا))([6]). والأنبياء معصومون عن إيقاع الذنوب، ولعلو قدر المصطفى 2- ولأنها الباب الذي تبث فيه شكواك وهمك، إذا أحاطت بك الخطوب، فخانك الصديق، وانقلب الحبيب عدوا، وعقّك الولد، وأنكرت جميلك الزوجة، فمالك الأمر هو الله فإذا ضاقت عليك الدنيا فقل: يا الله، وإذا ادلهمت الخطوب فقل: يا الله، وإذا مرضت فقل: يا الله: ((كان رسول الله وصدق الله العظيم: 3- ولأن الصلاة أمانة الله تعالى عندك، فإذا حفظتها حفظك الله وإذا ضيعتها ضيعك الله، ذكر الإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين" حادثة عن الرازي: أن أعرابيا جاء المدينة وهو يركب ناقته فلما وصل المسجد ربط الناقة ودخل المسجد وصلى بالسكينة والوقار والتعظيم لله، جل في علاه، فلما خرج لم يجد ناقته، فرفع يده وقال: اللهم إني أديت إليك أمانتك فأد إلي أمانتي فجاءته الناقة تسعى إليه. 4- ولأنها دليل حب العبد لربه، وتنشئ حبا من الله لعبده: أما أنها دليل حب، فهذه رابعة تناجي رب العزة وقت السحر فتقول: إلهي غارت النجوم، ونامت العيون، وأنت الحي القيوم، إلهي خلا كل حبيب بحبيبه وأنت حبيب المستأنسين وأنيس المستوحشين، إلهي إن طردتني عن بابك فباب من أرتجي؟ وإن قطعتني عن خدمتك فخدمة من أرتجي؟ وأما أنها تنشئ حبا للحديث: ((وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن إستعاذني لأعيذنه))([8]). فهذا عمر بن الخطاب وبعد شهر جاء البشير إلى المدينة فذكر أنهم سمعوا في ذلك اليوم في تلك الساعة حين جازوا الجبل صوتا يشبه صوت عمر أمير المؤمنين يقول: يا سارية بن حصن الجبل، الجبل، فرفعنا رؤوسنا إذا العدو فوقه فأخذنا حذرنا وعدلنا عنه فنجونا([9]). قال العلماء: الحديث: ((كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به . . الخ)). كناية عن حب الله لعبده الذي يحبه وتأييده له، وقيل: كنت حافظا لسمعه وجوارحه أن يستعملها في غير طاعة الله، انتهى. 5- يتربى صاحبها على الجرأة في الحق، فالصلاة، هي التي كان يجهر بها المصطفى وأما الدروس المستفادة منها فهي أن: الصلاة صورة للمجتمع الإسلامي الذي يدعونا رب العزة أن نجعله واقعا وحقيقة. استدل بها الأصحاب رضوان الله عليهم على أن أولى الناس بالخلافة بعد رسول الله وتعلم الأصحاب من الصلاة أن الإمام ومن يصلي وراءه إنما يخضعون لمنهج واحد في قراءتهم وركوعهم وسجودهم، فكذا الأمة ومن يتولى أمرها إنما يخضعون لمنهج واحدا من عند الله تعالى يحكم الحاكم والمحكوم معا فليس من صلاحية الحاكم أن يعبث بأعراض الأمة وأموالها ويظنها ملكا خالصا له، سيدي عمر بن الخطاب، وتعلم الأصحاب من الصلاة قوله وتعلم الأصحاب من صلاة الجماعة ما ينبغي أن يكون عليه الصف المسلم من التضامن والوحدة وسد الخلل، فلا يدعوا للشيطان مكانا بينهم للحديث: ((أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله))([14]). ولا ينبغي للمسلم أن يشذ عنه فقد روي: ((أن النبي وأما بواعث الخشوع في الصلاة فهي: فلابد أن تعقل ما تقرأ فمن هديه ولابد أن نستحضر وقفتنا بين يدي الله عز وجل يقول الحسن: الصلاة من الآخرة. وكان إذا قام إلى الصلاة تغير لونه فيسأل عن ذلك فيقول: إني أريد القيام بين يدي الملك الجبار، ثم يقول: إلهي عبدك ببابك، يا محسن أتاك المسيء، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء، فأنت المحسن وأنا المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بكريم ما عندك يا كريم. فليس للعبد نصيب من صلاته إلا بقدر ما خشع فيها للحديث: ((إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها وإلا عشرها))([18]). ولابد من البعد عن مكروهات الصلاة، من العبث بالثوب أو البدن، فالصلاة تبطل من كثرة الحركة التي يظن الناظر أن فاعلها ليس في صلاة، أو يقوم إلى الصلاة مع مدافعة الأخبثين، أو كان بحضرة طعام جاء في الحديث: ((لا يصلي أحد بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان))([19]) ومر عمر بن الخطاب
| |