ملخص الخطبة | |
1- الإعلام السبق بنقض العهد. 2- الأمر بالوفاء والتحذير من الخيانة. 3- من أنواع الخيانة خيانة الدين والعقيدة. 4- خيانة العرض. 5- خيانة الشخصية. 6- لماذا يقع الناس في الخيانة. 7- أثر الخيانة. 8- موقف المسلم من الخيانة. | |
الخطبة الأولى | |
قال الله تعالى: مادة في القانون الدولي الإسلامي العام: إنه إذا خشي الحاكم المسلم خيانة قوم للعهد الذي بينهم وبينه، أعلمهم بأنه قد نقض العهد حتى يكونوا على علم بالحرب قبل وقوعها، لأن الله لا يحب الخائنين . فما الخيانة؟ ولماذا؟ وما أثر الخيانة؟ وما أنواعها؟ الخيانة: الغدر ونقض العهد . والخيانة من سمات النفاق للحديث: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان))([1]). وأشد الناس فضيحة يوم القيامة هم الخائنون، للحديث: ((لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان))([2]). وما القرآن إلا عهود ومواثيق بين الله وعباده وقد دعانا رب العزة إلى الوفاء فقال: وأما أنواع الخيانة : خيانة العقيدة: وعقيدتنا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وللعقيدة نواقض كما أن للوضوء نواقض، ونواقض العقيدة أن تستحل ما حرّم الله أو أن تنكر أمراً أمر الله به قال تعالى: خيانة الأعراض: وقد حرم الله الزنا وعن مقاربته ومخالطة أسبابه فقال: وللحديث: ((ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة يضعها رجل في رحم لا يحل له))([4])جاء فتى إلى النبي خيانة الشخصية: قال تعالى: أن يكيف دين الله لنفسه ولا يكيف نفسه لدين الله للحديث: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: من ليس عنده دينار ولا درهم. قال: لا المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وحج ويأتي وقد شتم هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته أخذت من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار))([9]) . خيانة الإخوة: فقد قال تعالى: خيانة الكسب: والمسلم الحق يحرص على الحلال في مطعمه ومشربه فلا غش ولا خداع، ولا كذب وفي رواية: ((إن رسول الله خيانة الوطن: وذلك بأن يكون مطية لأعداء الله في تنفيذ مخططاتهم وما فيها من دمار للبلاد والعباد، أو دليلا لهم على عوراتها، والعرب قبل الإسلام كانت ترى في خيانة الوطن جرما يستحق صاحبه فيه الرجم وقد جاء في سيرة ابن هشام رحمه الله أن أبرهة بنى كنيسة وأراد أن يصرف العرب إليها فذهب إليها رجل من العرب وأحدث أي تغوط وبال فعزم أبرهة على هدم الكعبة وسير لذلك جيشا وخرج معه بالفيل حتى وصل الطائف فخرج إليه مسعود بن متعب فقال له: أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ونحن نبعث معك من يدلك فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة وفي الطريق مات أبو رغال فرجمت العرب قبره. فهو قبره الذي يرجم الناس بالمغمس([11]). وكذا إبن العلقمي لعنه الله وقد كان دليلا لهولاكو على عورات بغداد وتدمير دولة الإسلام فلعنة الله على الخائنين في كل زمان ومكان. خيانة الذمة والعهد :وذلك بالغدر فيمن دخل في جوارك أو بلدك وتذكر لنا كتب السيرة موقفا للنجاشي رحمه الله، وقد اشتد الأذى بأصحاب رسول الله هذا موقف سيبقى مثلا كريما يحتذى به في الوفاء والرجولة وأما مواقف الغدر والتعاون على إيذاء المؤمنين وإخراجهم من مأمنهم فمثل هذه المواقف الخانعة المهينة لأعداء الله سيجد أصحابها مقت الله وعذابه في يوم ليس لهم من دون الله عاصم. وأما لماذا الخيانة؟ أن يكون العبد عبدا للدرهم والدينار والنساء والمناصب ومثل هذه له ثمن فيسهل على أعداء الله شراؤه وللحديث: ((تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة))([13]) أي هلك من كانت عبوديته لغير الله سبحانه كالمال والكساء وكلها إلى فناء. أن يكون قد فقد الحياء من الله ومن الناس وللحديث: ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت))([14]) . وأما أثر الخيانة: لا يأمن أحد أحدا حيث تترحل الثقة والمودة الصادقة فيما بين الناس فيحذر كلُ أحد كلَ أحد وقد جاء في الآثار: ((لا تقوم الساعة حتى لا يأمن المرء فيه جليسه)) . ينقطع المعروف فيما بين الناس مخافة الغدر والخيانة ومن قصص العرب أن رجلا كانت عنده فرس معروفه بأصالتها، سمع به رجل فأراد أن يسرقها منه واحتال لذلك بأن أظهر نفسه بمظهر المنقطع في الطريق عند مرور صاحب الفرس فلما رآه نزل إليه وسقاه ثم حمله وأركبه فرسه فلما تمكن منه أناخ بها جانبا وقال له: الفرس فرسي وقد نجحت خطتي وحيلتي. فقال له صاحب الفرس: لي طلب عندك، قال: وما هو؟ قال: إذا سألك أحد كيف حصلت على الفرس؟ فلا تقل له: احتلت بحلية كذا وكذا ولكن قل: صاحب الفرس أهداها لي . فقال الرجل لماذا؟ فقال صاحب الفرس: حتى لا ينقطع المعروف بين الناس فإذا مر قوم برجل منقطع حقيقة يقولون: لا تساعدوه لأن فلانا قد ساعد فلانا فغدر به. فنزل الرجل عن الفرس وسلمها لصاحبها واعتذر إليه ومضى. وأما موقف المسلم من الخيانة: أن تربى القلوب على مخافة الله وخشيته: مر عمر أن نجتنب المعاصي من مبدئها ولا ندعها حتى تستفحل فيصعب درؤها كما يقول ابن القيم رحمه الله: المعاصي مبدؤها خاطرة فإن لم تدفعها صارت وسوسة فإن لم تدفعها صارت فكرة فإن لم تدفعها صارت إرادة فإن لم تدفعها صارت عزما فإن لم تدفعها صارت عملا. ((إياكم ومحقرات الذنوب، قالوا: وما محقرات الذنوب؟ قال: أرأيتم لو أن قوما أرادوا أن يشعلوا نارا فجاء هذا بعود، وهذا بعود، وهذا بعود، فاجتمعت فأصبحت نارا عظيمة))([15]). يقول ابن القيم رحمه الله : كل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر وأن تعلم أن البقاء في هذه الدنيا قليل للحديث: ((أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين))([16])، فما قيمتها أمام: تأمل معي قول الشاعر في وصف الدنيا وقصر نعيمها : أذان المرء حين الطفل يأتي وتأخير الصلاة إلى الممات دليـل أن محيــاه يسيـر كما بين الأذان إلى الصلاة أي الأذان في أذن الصبي عند الولادة، والصلاة على الميت عند موته دليل أن مكوثه هو ما بين الأذان إلى الصلاة، فما أحقرها من دنيا، وما أهونها، نسأل الله الصدق، آمين.
| |