ملخص الخطبة | |||
1- تنوع صور البلاء في المجتمعات. 2- عقوبة الأمم السابقة.. 3- ما ينزل بالناس من مصائب قد يكون عقوبة وقد يكون بلاءً. 4- فشو المنكرات وحرب الدعاة في بلاد المسلمين. 5- من رحمته تعالى أنه لا يعاملنا بعدله. 6- فشو المنكرات سبب في عموم العذاب. 7- من الغفلة نسبة الأحداث إلى أسبابها الكونية فقط. 8- من علامات الساعة كثرة الزلازل. 9- دعوة للتوبة والتضرع إلى الله وأخذ العبرة مما وقع. | |||
الخطبة الأولى | |||
أما بعد: أيها المسلمون: إن في هذه الدنيا مصائب وفتن ومحن وزلازل مدمرة وأعاصير مهلكة وفيضانات مفرقة آلام تضيق بها النفوس ومزعجات تورث الخوف والجزع، كم ترى من شاكي وكم تسمع من لوام وكم تبصر من مبتلى، تتنوع الابتلاءات وألوان الفتن يبين الناس أفرادا ومجتمعات حسب ابتعاد الناس عن المنهج الإلهي وبحسب قربهم من هذا المنهج وهو التزام كتاب الله وسنة نبيه يكون التخفيف من البلاء والمحنة، والمعصية عندما تكون جماعية يفعلها القاصي والداني في المجتمع المسلم يكون لها أثر مدمر ومخيف لاتساع المساحة التي يظهر فيها شؤم هذا الأثر، فهي تعرض المجتمع الذي فشت فيه بأسره لغضب الله وانتقامه، وتجعله فاقد المناعة، يهوي ويندثر عند تعرضه لأدنى هزة. أيها الإخوة: لقد قصّ الله علينا في القرآن الكريم خبر كثير من الأمم التي أهلكها بسبب المعاصي الجماعية وذكرنا جريمتهم التي استحقوا بها ذلك العقاب مثل قوم عاد والإنسان عندما يتصور العذاب الذي يأتيه من فوق أو يأتيه من تحت يكون أشد وقعا في النفس من تصوره آتياً عن يمين أو شمال، فالوهم قد يخيل للإنسان أنه قد يقدر على دفع العذاب من يمين أو شمال أما العذاب الذي يصب عليه من فوق أو يأتيه من تحت فهو عذاب غامر قاهر ولا يدبر أمره إلا الله اللطيف الخبير. أيها المسلمون: لقد فشا في كثير من المجتمعات الربا والزنا وشربت الخمور والمسكرات وأدمنت المخدرات، كثر أكل الحرام وتنوعت الحيل شهادات باطلة وأيمان فاجرة وخصومات ظالمة، ارتفعت أصوات المعازف والمزامير وفشت رذائل الأخلاق ومستقبح العادات في البنين والبنات، حورب الدين وأهله وسيم الدعاة والمصلحون أشد العذاب والنكال سخر منهم واستهزيء بهم ونال سفلة القوم الترحيب والرفعة وصدروا في المجالس وأصبح قدوة الشباب الفنان فلان والمطرب فلان حين ابتعد الناس عن الطريق المستقيم كثر الكفر والفسوق وقل الشكر وإرجاع الحقوق، كذب وتزوير للحقائق غيبة ومراودة، استبشار بالذنوب، خيانة خداع، أمر بالمنكر ونهي عن المعروف، وإصرار على الذنوب وعدم التوبة، عدم ذكر الله تبرج وسفور، زنا ولواط، الإشمئزاز من ذكر الله التجسس، النميمة، منع الخير، الجدال في الله، ترك الصلاة إلى غير ذلك من الذنوب والآثام التي تؤذن بعذاب الله وعقابه وكان حقا على الله أن يعاقب من فعل بعض هذه المنكرات فكيف بها جميعا.
وقال: فمن فضل الله ورحمته أنه لا يؤاخذ الناس بكل ذنب ولكن إذا نسوا تذكير الله لهم خوفهم بالآيات التي تهتز لها المشاعر والأبدان كالزلازل والبراكين وسيلان الأودية بالنيران وما يقع في بعض البلدان من الفيضانات وما ذاك إلا ليخوف الله به الإنسان إذا تمادى في الطغيان ولعذاب الآخرة أكبر ولأمر الله أعظم.
أيها الإخوة: لقد طغت النظرة المادية على كثير من أبناء هذا العصر فضعف عندهم الربط بين الأسباب ومسبباتها، ولم يدركوا العلاقة بين الأعمال وآثارها لهذا عندما زلزلت المدينة في عهد عمر بن الخطاب ولقد ورد في علامات آخر الزمان أنه تكثر الزلازل والخسف فقال وقد جاء الوعيد للعصاة من أهل المعازف وشاربي الخمور بالخسف والمسخ والقذف، روى الترمذي عن عمران بن حصين لولا الذين له ورد يصلونا وآخـرون له سـرا يصـومونا لدكدكت أرضكم من تحتكم سحرا لأنكم قوم سوء ما تطيعونا والخسف قد وجد في مواضع في الشرق والغرب قبل عصرنا هذا ووقع في هذا الزمن كثير من الخسوفات والزلازل في أماكن متفرقة من الأرض والسبب في كثرة الزلازل في هذه الأيام هو أن فساد الناس في هذا الزمن قد فاق أضعاف أضعاف فساد الناس في الأزمان السابقة ففي هذا العصر تفنن الناس في الفساد وأنواعه ولهذا كان وقوع الزلازل في هذا العصر كثير جداً، بالمعصية بدل إبليس بالإيمان كفرا وبالقرب بعدا وبالجنة نارا تلظى وبالمعصية عم قوم نوح الغرق وأهلكت عادا الريح العقيم وأخذت ثمود الصيحة. إنها الحقيقة المرة الصارخة أيها الإخوة: لقد سمعنا عن الزلزال الذي تعرضت له مصر الأسبوع الماضي لقد سمعنا بالزلزال الذي ضرب مناطق عدة من دول المنطقة وشمال المملكة وتجمدت قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها قد تابع الجميع بقلق بالغ هذا ونحمد الله عز وجل أنه كان خفيفا ولم ينتج عنه أي أضرار في الأرواح والممتلكات سوي أخبار الحادث المؤلم ونحن نتوجه إلى الله العلي القدير أن يلطف بمصر وأرضها وشعبها وأن يحفظه دائما لأمته الإسلامية وأن يلهم المصابين وذويهم الصبر والسلوان إنه ولي ذلك والقادر عليه. وأنا أنبه من ابتلي ومن لم يبتلى أن يستدرك أمره وأن يصلح ما فسد من حاله وأن يرجع إلى الله وأن يتوب إليه وأن يعلم أن ما أصابه إنما هو بسبب ما اقترفت يداه وجنته نفسه فالرجوع إلى الله في وقت الشدة بالذات أمر مطلوب ومحبوب إلى الله وقال: فاتقوا الله عباد الله وتوبوا إليه واستغفروه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
| |||
الخطبة الثانية | |||
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشانه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه. أما بعد: أيها الناس: اتقوا الله تعالى وتفكروا في أحوالكم وما يجري من حولكم من العبر لعلكم تذكرون، إنكم في نعمة من الله تامة أمن في أوطانكم وصحة في أبدانكم ووفرة في أموالكم، وبصيرة في دينكم فماذا أديتم من شكر الله الواجب عليكم فإن الله وعد من شكره بالمزيد وتوعد من كفر بنعمته بالعذاب الشديد إن أي شيء من هذه الأحوال لم يتغير إلا ما شاء الله بل إن الشر يزيد وإننا نخشى من العقوبة المهلكة، إن الله توعد الذين لا يتعظون بالمصائب ولا تؤثر فيهم النوازل، توعدهم بأن يستدرجهم بالنعم ثم يأخذهم على غرة ويقطع دابرهم. أيها المسلمون: إنه والله يخشى علينا اليوم الوقوع في مثل هذا، معاصينا تزيد ونعم الله تتكاثر علينا فاتقوا الله عباد الله واحذروا نقمة الله التي حلت بمن قبلكم ومن حولكم أن تحل بكم، الدنيا لدينا معمورة، والمساجد مهجورة أكثر الناس لا يأتون إليها، الذين يأتون متأخرين يأتون عند الإقامة أو بعدما يفوتهم أول الصلاة أو كلها، وأشد ما يكون الناس كسلا في يوم الجمعة الذي هو أفضل الأيام فلا يصلي الفجر في هذا اليوم إلا القليل من الناس ولا يحضرون لصلاة الجمعة إلا عند إقامة الصلاة، لا يسمعون الخطبة وإن سمعوها لا ينتفعون بالذكر والموعظة مع أنهم حضروا الخطبة. ولهذا نرى الكثير من الناس لا يتغير بل هو من سوء إلى أسوأ والعياذ بالله فاحذروا رحمكم الله احتقار الذنوب واستصغارها، فكلما استعظم العبد الذنب صغر عند الله، ولكما استصغره عظم عند الله ولهذا قال أحد السلف: لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظم من عصيت. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: |