ملخص الخطبة | |
1- قصة رجلين صالحين زاهدين في الدنيا. 2- حقيقة الدنيا. 3- ذم الدنيا. | |
الخطبة الأولى | |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدّقا)) [رواه البخاري 3472، ومسلم 1721]. في هذا الحديث الجليل يخبرنا نبينا فلصلاح هذين الرجلين ذهبا يحتكمان إلى عالم من علمائهم، وكانت حجة البائع أنه باع الأرض بما فيها، فالذهب ليس له، وكانت حجة المشتري أنه اشترى الأرض ولم يشتر الذهب، ولو كان غيرهما من الناس لكانت هذه الحجج يستدل بها كل طرف على استحقاقه هو للمال دون صاحبه، ولكن الخوف من الله تعالى زهدهما في هذا المال المشتبه فيه. فجاء الحكم الذي رضي به الطرفان وهو تزويج ابن أحدهما ببنت الآخر، والإنفاق من هذا المال على الأسرة الجديدة التي تقوي أخوة الإيمان بين هاتين الأسرتين الصالحتين، وكذلك التصدق من هذا المال. وفي شريعتنا لو وجد شخص مالاً مدفوناً من أمد بعيد ولا يمكن الاستدلال على أصحابه فإنه يخرج خمسه في سبيل الله ويأخذ الباقي حلالاً لقوله هذه نظرة الصالحين إلى الدنيا وهذه هي حقيقة الدنيا في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله فعلى هذا فإن الأموال والأولاد والمناصب إذا استعان بها صاحبها على طاعة الله فليست مذمومة، وإذا شغلت عن طاعة الله أو أدت إلى معصيته فهي مذمومة. قال تعالى: وقال تعالى: وقال تعالى: وقد ورد لفظ (الدنيا) في كتاب الله تعالى في مائة وأربعة عشر موضعاً، وكذلك ورد لفظ (الآخرة) في كتاب الله في مائة وأربعة عشر موضعاً، والدنيا مذمومة في كتاب الله تعالى دائماً. قال ابن مسعود وقال بعض السلف: الدنيا والآخرة ضرتان، إن أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى. عن أبي هريرة أن النبي عن أبي سعيد الخدري ولو تفكر الإنسان في عاقبة الدنيا إذا شغلت عن طاعة الله تعالى لزهد فيها. عن أنس ولهذا فقد أمرنا بالتنافس في طلب الآخرة وفي العمل الصالح، ونهينا عن التنافس في الدنيا. قال: ابن عباس وذكر في الخبر عن المسيح عليه السلام أنه كان ذات يوم ماشياً فنظر، فإذا امرأة عليها من كل زنية فذهب ليغطي وجهه عنها فقالت: اكشف عن وجهك، فلست بامرأة، إنما أنا الدنيا، فقال لها: ألك زوج؟ قالت: لي أزواج كثير فقال: أكلٌ طلقك؟ قالت: بل كل قتلتُ، فقال: أحزنت على أحد منهم؟ فقالت: هم يحزنون علي ولا أحزن عليهم، ويبكون علي ولا أبكي عليهم. قال الإمام الشافعي: بلوت بنـى الدنيـا فلم أرفيهـم سوى من غدا والبخل ملء إهابه فجردت من غمد القناعة صارماً قطعت رجائـي منهـم بذبابـه فلا ذا يراني واقفاً فـي طريقـه ولا ذا يراني قاعـداً عنـد بابه غنيٌ بلا مـال عن النـاس كلهم وليس الغني إلا عن الشيء لا به وقال الإمام الشافعي أيضاً: ومن يذق الدنيا فإني طعمتها وسـيق إلينا عذبها وعذابهـا فلم أرهـا إلا غروراً وباطلاً كمالاح في ظهر الفلاة سرابها وما هي إلا جيفـة مستحيلة عليها كـلاب همهن اجتذابهـا فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها وإن تجتذبها تنازعتك كـلابها اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.
| |