ملخص الخطبة | |
1- معنى الحساب في اللغة والاصطلاح. 2- أهوال يوم القيامة. 3- محكمة العدل والرحمة الإلهية في يوم القيامة: أ- العدل الملطق. ب- الشهود. ج- المتهم. د- المحكمة والمحاكمة. 4- إعداد المسلم نفسه لهذا الحساب. | |
الخطبة الأولى | |
يوم القيامة يوم جليل خطبه، عظيم خطره، بل هو اليوم الذي ليس قبله مثله ولا بعده مثله، والكل ظاهر ومكشوف فلا زيف ولا خداع ولا كذب ولا رتوش، وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ((أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده، ثم يقول: أنا المالك، أنا الجبار، أنا المتكبر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، ثم يجيب نفسه لله الواحد القهار))([1])، وذلك هو يوم الحساب ويوم الجزاء. فما الحساب؟ وما هي صفته؟ وعلى ماذا يحاسب الله تعالى العباد؟ وما موقف المسلم؟ الحساب اصطلاحا: هو محكمة العدل الإلهية التي يقضي فيها رب العزة سبحانه بين خلقه وعباده وينبغي أن تعلم أن يوم القيامة: يوم يجمع الله فيه الأولين، والآخرين للحساب: يوم تتكشف فيه الحقائق والأستار، فالكل مكشوف النفس والعمل والمصير: يوم يشيب من هوله الوليد، وتذهل الأم الحنون عن طفلها، وتسقط فيه الحامل حملها وأما صفة الحساب: فلا بد لكل محكمة من حاكم يحكم ويقضي، وشهود يشهدون، ومتهم وأرض يقام عليها الحكم. 1- أما الحاكم: فهو الله جل جلاله، جبار الأرض والسماء، تباركت أسماؤه وعظمت صفاته الذي يعلم السر وأخفى، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، الخالق لكل شيء سبحانه وتعالى ويبدأ الأمر: أ- بنفخ إسرافيل في الصور بأمر الله سبحانه فتصعق الخلائق كلها وتموت: ب- إحداث تغير عام في الكون فتنشق السماء وتتناثر النجوم وتتصادم الكواكب وتتفتت الأرض: ج- ينفخ إسرافيل في الصور بأمر الله سبحانه فتقوم الخلائق للحشر: د- نزول عرش الرحمن جل جلاله: هـ- ثم يشرق على الأرض نور الحق جل جلاله: و- ثم مجي الحق سبحانه مجيئا يليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه الكبير المتعال: وأما صفة حكمه جل جلاله سبحانه: 1- العدل المطلق: أ- فلا ظلم: ب- ولا أنساب: ج- ولا رشوة لتغير صورة الحكم، فالحاكم هو الغني المتعال والكل مفتقر إليه سبحانه: ح- ولا تهديد ولا ضغوط: فالحاكم هو القوي سبحانه: 2- الشهود: وأما الشهود فهم كثير فلا مكان للإنكار والكذب والمراوغة أ- وأعظمهم شهادة هو الله سبحانه الله جل جلاله ب- الرسل عليهم الصلاة والسلام ويشهد للرسل سيدنا وحبيبنا رسول الله ج- الملائكة: د- الجوارح: هـ- الأرض: ز- التسجيل الكامل كما ذكر بعض العلماء: لقوله تعالى: اللهم إنا نسألك ستر الدارين، اللهم إنا نعوذ بك من خزي الدنيا والآخرة، يا رب العالمين. 3- المتهم: هو الإنسان الذي خلقه الله بيده، وأسجد له الملائكة، وكرّمه على كثير ممن خلق، سخر الكون له، وأرسل له الرسل، وأنزل له الكتب، وجعل له واعظا من عند نفسه بالفطرة التي فطر الله الناس عليها على معرفته سبحانه وحذره من الشيطان وطاعته ثم يستقبل الإنسان ذلك كله بالسخرية: 4- وأما أرض المحكمة: فهي أرض أخرى غير أرضنا لم تطأها قدم من قبل، ولم تعمل عليها خطيئة، ولم يسفك عليها دم، أرض طاهرة من ذنوب بني آدم وظلمهم، طهر يتناسب وطهر القضاء. وأما على ماذا يحاسب الله تعالى العباد: فاعلم أن الحساب سوف يكون: مشافهة: فكل عبد يعرض على ربه، ويتولى سبحانه حسابه بنفسه للحديث: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم، ثم ينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمره))([13]). والحساب إما أن يكون يسيرا: وذلك بأن يعرض على العبد عمله بحيث لا يطلع عليها أحد ثم يعفو عنه ويأمر به إلى الجنة للحديث: ((يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه (أي يستره ولا يفضحه) فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول: أعملت كذا وكذا فيقول: نعم، فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم، ثم يعطى صحيفة حسناته))([14]). وأما أن يكون الحساب عسيرا وذلك لمن كثرت معاصيه فذلك الذي يناقش الحساب ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة للحديث: ((ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أليس قد قال الله : والحساب يتناول كل شيء: العمر والمال والجسم والعلم للحديث: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه))([16]). عن النعم وشكرها: 3- عن الحواس واستعمالها: قال ابن عباس: يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم([19]). 4- عن الفرائض من صلاة وزكاة: للحديث: ((إن أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة وآخر ما يبقى الصلاة، وأول ما يحاسب به الصلاة ويقول الله: انظروا في صلاة عبدي، قال: فإن كانت تامة كتب تامة، وإن كانت ناقصة يقول: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا: هل زكاته تامة؟ فإن كانت تامة كتبت تامة، وإن كانت ناقصة قال: انظروا هل له صدقة فإن كانت له صدقة تمت له زكاته))([20]). 5- عن الدماء والقتل: للحديث: ((أول ما يقضى بين بالناس يوم القيامة في الدماء))([21]) وللحديث: ((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركا أو يقتل مؤمنا متعمدا))([22]). 6- السؤال عن المسؤولية والأمانة: 7- عن الكلمة: للحديث: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب))([24]). وللحديث: ((وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم))([25]). و ما من كاتب إلا ستبقى كتابتـه وإن فنيـت يداه فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه 8- عن الحقوق والمظالم للحديث: ((يقول الله تعالى: أنا الديان، أنا الملك لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقصه منه حتى اللطمة))([26]). وأما موقف المسلم من الحساب: 1/ حاسب نفسك قبل أن تحاسب: يقول عمر 2/ تحلل من الحقوق: للحديث: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحللن منها اليوم قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه دينار ولا درهم))([28]). يقول أحد السف: رحم الله من إذا مات ماتت معه ذنوبه. 3/ لا تفسد عملك الصالح بالمظالم: للحديث: ((المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار))([29]). 4/ أمح السيئة بالحسنة: 5/ استشعار رقابة الله عليك: 6/ استحضار أهوال الآخرة والتفكر فيها: يقول الإمام الغزالي رحمه الله: ثم تفكر يا مسكين بعد هذه الأحوال فيما يتوجه عليك من السؤال شفاها من غير ترجمان فتسأل عن القليل والكثير والنقير والقطمير فبينما أنت في كرب القيامة وعرقها وشدة عظائمها إذ نزلت ملائكة من أرجاء السماء بأجسام عظام وأشخاص ضخام غلاظ شداد أمروا أن يأخذوا بنواصي المجرمين إلى موقف العرض على الجبار. ثم تقبل الملائكة فينادون واحدا يا فلان بن فلان هلم إلى الموقف، وعند ذلك ترتعد الفرائص وتضطرب الجوارح وتبهت العقول ويتمنى أقوام أن يذهب بهم إلى النار ولا تعرض قبائح أعمالهم على الجبار، فتوهم نفسك يا مسكين وقد أخذت الملائكة بعضديك وأنت واقف بين يدي الله تعالى يسألك شفاها فكيف ترى حياءك وخجلتك وهو يعد عليك إنعامه ومعاصيك وأياديه ومساويك، فليت شعري بأي قدم تقف بين يديه وبأي لسان تجيب وبأي قلب تعقل وما تقول؟([33]).
| |